ماهية الكاريزما وآثرها 🤝
بين الاستغلال والإلهام
٢٣ مارس ٢٠٢٥
هل يُولد بعض الأشخاص بصفة الكاريزما؟ أو أنها صفة يمكن لأي شخص اكتسابها وتعلمها حتى يكون أكثر جاذبية؟ وهل هي صفة ضرورية للقيادة أساسًا؟

إذا بحثت عن تعريفات الكاريزما، بتلاحظ إنها تتمحور حول ثلاث نقاط رئيسية
أول شيء، "الجاذبية" الأشخاص الكاريزميين عندهم سحر خاص وجاذبية تخلي الكل ينجذب لهم. ثاني شيء، "الموهبة" الكاريزما تُعتبر زي الهبة الإلهية أو قوة تمّيزهم عن غيرهم. وآخر شيء، القادة الكاريزميين عندهم قدرة عجيبة بجعل الناس أوفياء لهم. يعني يقدرون يلهمونهم ويحمسونهم، ويجمعون حولهم ناس مخلصة بأعداد كبيرة.
من وجهة نظري، بعض الأمثلة البارزة على القيادة الكاريزمية تشمل خاتم الأنبياء مُحمد ﷺ، المؤسس ملكنا عبدالعزيز آل سعود غفر الله له، الدكتور غازي القصيبي رحمه الله، الأميرة ريما بن بندر وولي العهد محمد بن سلمان حفظهم الله.
بالرغم من تفردهم، لكل قامة منهم شيء خاص يّشد انتباهك لهم، هيبة، شرارة كذا تخليك تحس إنهم مو عاديين، شعور يمكن ما تقدر توصفه بسهولة، لكنه واضح في حضورهم، في كلامهم، وحتى في طريقة تعاملهم. جاذبية فطرية تجذب الناس لهم من غير ما يحاولون.
يميزهم إنهم ما يتكلفون، ولا يلبسون قناع غير حقيقي، بالعكس، تلقاهم صادقين وواضحين مع أنفسهم ومع اللي حولهم، تلاقي فيهم شغف بأهدافهم، وإيمان عميق برسالتهم، وهذا ينعكس في كل كلمة يقولونها وكل خطوة يخطونها. حتى إذا تكلموا، كلامهم يدخل العقل قبل القلب، تلاقي نفسك تتمنى نجاحهم لأن نجاحهم يعني نجاح مُحبينهم، والجميل بعد، إنهم قادرين يشوفون أفضل ما في الناس، عندهم مقدرة بإنهم يمّدونك بالثقة، وجعلك تؤمن بنفسك وبإنك تقدر توصل أبعد مما تتوقع، يفتحون عيونك على الأمور بشكل أكبر وأعمق، لأنهم يركزون على الصورة الكبيرة ويقنعونك أنك جزء منها. ما ينتهي دورهم هنا، القادة الكاريزميين عندهم قدرة مدهشة في إنهم يحولون التحديات لأشياء إيجابية، يواجهونها بإصرار، ويساعدونك تفكر بالصعوبات كجزء من الرحلة، مو عائق يعطلها، طريقتهم في الموازنة بين العقلانية والحماس هي اللي تصنفهم كملهمين حقيقيين!
للكاريزما جانب مظلم أكيد ومن أبرز الانتقادات هو إن فيه قادة وشخصيات تاريخية كاريزميين صح لكنهم استغلوا تأثيرهم الكبير لمصالحهم الشخصية بدل ما يسخرونه لصالح أتباعهم، استخدموها كأداة تزيد سلطتهم وسيطرتهم، وفي النهاية تأثيرهم دمّرهم ودمر المجتمع، بالأخص أتباعهم وثقوا فيهم وصدقوهم ):
وأمثلة واضحة على هالنوعية: هتلر، تشارلز مانسون، وكثير من قادة الطوائف. وحتى في عالم الشركات عندنا جيف سكيلينغ من شركة “إنرون” وإليزابيث هولمز من “ثيرانوس”. كلهم كان عندهم حضور قوي وقدرة على التأثير، لكن للأسف استخدموها بطرق غير أخلاقية سببت كوارث للي حولهم.
أحب أختم بنقطة يمكن ما تكون واضحة للجميع لكنها مهمة جدًا، وهي مشكلة نقص مهارات القيادة أحياناً نشوف أشخاص يتمتعون بشخصيات كاريزمية وجاذبية لافتة، وهالشيء يوفر لهم فرص كبيرة ويسمح لهم تصدر المواقع القيادية، فقط بسبب حضورهم وشخصيتهم المؤثرة.. لكن لما يوصلون للمواقف اللي تتطلب قرارات حاسمة أو تخطيط فعلي، يتضح أفتقارهم للمهارات القيادية الحقيقية اللي يحتاجها المكان الي وصلوا له، الجاذبية لحالها عمرها ما كانت كافية، لأنها ببساطة ما تقدر تعوض عن الكفاءة والخبرة اللي هي أساس أي قيادة ناجحة.
وأخيرًا، السؤال اللي دايم يجي في البال: هل الكاريزما ميزة تولد بها، أو مهارة تتعلمها؟ بصراحة، أعتقد إن الجواب يجمع بين الاثنين؛ الكاريزما ما هي مجرد هِبة، كثير من الصفات المرتبطة بالكاريزما، مثل الثقة بالنفس، مهارات التواصل، وحسن الاستماع، كلها مهارات ممكن تتعلمها وتطويرها مع الوقت. بالممارسة والتأمل في الذات، تقدر تصير أكثر وعي بنفسك وبالطريقة اللي تقدم نفسك فيها للناس، بالتالي توصل لنقطة التأثير بالناس والاستحواذ على اهتمامهم وثقتهم.
سؤالنا موّجه لك: من يخطر ببالك لما تسمع كلمة كاريزما؟ 👀