"لست متحاملاً على أحد، أنا أكره الجميع بالتساوي "
وليام كلاود فيلدس
قبل أيام تواصلت معي المسؤولة عن تنسيق جدولة مدونة بوق برسالة (أحد بدون بوق؟؟) قد تعني أني انحزتُ للكسل لعدة أسابيع متتالية عن مدونتي بوق .. أو ربما اشتاقت لها كما فعلت ياصديقي .. !! 😁
حسناً فضلتُ كتمان الحقيقة على إخبارها أني أكتب لفكرة مدونة ترددت كثيراً في نشرها .. أكتبها تارة في مفكرتي الخاصة تحت خانة مثير للجدل وأحذفها تارة بحجة " محتوى مزعج" ! إلى أن قررت نشرها تحت بند علمٌ ينتفع به
دعني استفتح معك القصة من يومها الأول ياصديقي وذلك اثناء تصفحي منصة اليوتيوب حيث ظهرت لي حلقة عن عالمة سابقة تائبة عن مجال علوم الطاقة (إن صح تسميتها بعلوم) ، تتحدث فيها عن دهاليز هذا العالم وما يمارسه المروجون له من سحرٍ ودجل وشعوذة تحت مسميات طاقة، ووعي، وقوة ، إدراك وغيرها من المصطلحات الفضفاضة حمّالةَ الأوجه
لست هنا بصدد شرح كل أفكارهم الكفرية ولا للترويج لها لأنها عالم من السحر والشعوذة كما ذكرت مسبقاً ، غير إن فكرة واحدة من أفكارهم المعتلة لم أستطع تجاوزها مطلقاً وهي فكرة وحدة الكون مع الله والبشر، وهي فكرة يروج له الطاقيون بكل ما أتوا من قوة، مفهوم وثني منسوخ من الديانات الشرق اسياوية القديمة ، فكرة ٌ خلاصتها أن الإله أتحد مع الكون" أنحبسَ فيه رغم عنه" وكل مافي الكون هو تجلّي الإله "واقعيا" بما في ذلك ( أنت) ، ويجب أن تصل الى أعلى مراحل الوعي أو الطاقة العالية لتكون واعياً بتجلي الإله فيك .. يقول أحد المروجون العرب المشهورين أو كما يطلقون عليهم (Master) في إحدى محاضراته التي تقام علناً وتنشر على المنصات بدون قيود وبلهجته المصرية الظريفة ( أنت إله صوغير على الأرض إن صح التعبير ) وأكتفي بتعليق واحد بين هذين القوسين (تعبير اييه دا اللي يصّح يا استاز ).؟
أخذت أتدبر كثيراً وأفكر عميقاً وأبحث في هذه العلوم لعدة أسابيع ، و تبادرت أسئلةٌ الى ذهني ، كيف يمكن لأي إنسان أن يصدق من يقول له أنك عندما تصل لمرحلة الوعي الكاملة التي ستتعلمها في - محاضراتي المدفوعة- سيكون مفهوم الإله بالنسبة لك (الذات) .ادفع الدولارات وستصبح إله وتصل إلى الربوبية الذاتية ؟ عجب !!
ثالوث أسئلة بلا إجابات :
١- هل أصبحنا في أضعف صورة بشرية نفسياً وإيمانياً ليحل محل عقلنا رجلٌ من خلف الشاشات متفوها بتفاهات كـ ( إله صوغير ) ونُهديه طواعية أذاننا لنصغي وقلوبنا لنؤمن ؟
2- كيف قد يلامس هذا الطاقي قلب شخص بكلمة أنت إله صوغير وفي مرة أخرى يقول ( هتكون زيييه) متحدثاً عن الله !! بدون أن يقشعر بدن هذا الشخص لسماع هذه الكلمات ويستغفر مئة مرة من عظيم سوداويتها بل على العكس ، يشعر باللذة ويرمي الآف الدولارات في دورات شعوذة عصرية مدفوعة ؟
3- ماحاجة شخص آمن أنه عبدٌ من قبل إلى الشعور بأنه إله صغير ؟؟ ما نوع العلل النفسية الداخلية التي تتلبسه ليسير في هذه الطريق المنحدرة تماماً؟
لست متحاملاً على أحد .. أنا أكره الجميع بالتساوي:
ومن آثار هذه الشعوذات على ممارسيها هي شعورهم بالكره والتعالي على من هم أقل وعياً منهم فالناس درجاتٌ في الوعي ؛ وعي الطاقي الذي يمتلك من وعي الإله ووعي بقية البشر وهو وعي القطيع حتى لو كان هذا القطيع أصدقائهم وأهلهم وذويهم وأزواجهم.
كذبة ورا كذبة
يتملك هؤلاء الطاقيين المهارة العجيبة في دمج هذه الخزعبلات بالدين الإسلامي وادعاء أن لكل الآيات والأحاديث تفاسير أخرى باطنية مختلفة عما يفهمه العوام ، ففي احدى القصص عن هذا العالم الغريب سيدة شابة عربية قتلت ابنتها بعد أن تخاطرت بوعيها العالي مع الكون وعلمت أن يوم القيامة يحل الآن فقتلت ابنتها لتسبقها إلى الجنة وكانت في طريقها لقتل لنفسها- قبل أن يمنعها زوجها- وقالت عند مثولها أمام القضاء أنها مؤمنة أن القيامة لن تقوم إلا على شر الخلق فأرادت أن تسبق هي وابنتها القيامة فلا يكونان من أشر الخلق وتصّر على أنها سمعت أصوات صراخ ونحيب ورأت العالم يظلم قبل ان تقدم على القتل وتؤكد انها اخيرا أفاقت من عالم سحر الطاقة لكن بعد فوات الأوان
لا حُجة ، هي السذاجة والجهل
ببحثي العميق -نوعا ما-خلال الأسابيع الماضية رايتُ أن هذه الأفكار ليست سوا مسرحية شيطانية لبعث ألوهية زائفة في صنم هُبل جديد في ٢٠٢٥ وهو( صنم الذات) مسرحية بأداء بشري رديء يتسلطون على عامة الناس من باب القرب الى الله حتى يجد نفسه في عاصفة من الشعوذات والأكاذيب والخوف ، مثيرين ً أكاذيب مثل أن أهل الطاقة أصبحوا بعد جلسات تأمل بوذية والأفكار الهندوسية الوثنية عن وحدانية الكون أكثر تقرباً الى الله من قربهم له بالصلاة " الحركية" على حد تعبيرهم وأعتقد أن من يصدقهم يتأرجح بحركة بندولية بين حلقتين فارغتين (الجهل والسذاجة)
بــــــــــــــــــوق من صــــــــــــــندوق
آية قرأنية واحدة كفيلة بمحو خزعبلات الطاقة وأفكارها
مدونة لاتشبه باقي تدوينات بوق